ولأنك أنت فإني لا أملك إلا دفترا واحدا ، أحمر اللون يتيم ، صفحاته عابقة بظلك ، كلماته لا تحفر إلا لحن اسمك ، ألوانه لا تنسج سواك ، وتحفر في ضريح الجبال هدهد رسمك . ولأنك أنت فإني لن أقول لغير أمي بأني أحبك ، وأن الغرام بين يديك عبادة ، والسجود على ركبتيك خير وسادة ، ونسائم الشرق من ثغرك هي كل الولادة . ولأنك أنت فإني اعتقلت الشتاء ، كيلا يبلل مطر وجنتيك ، كي لا تبرد في خضمه تخوم يديك ، وحتى يدوم شعرك كساعي البريد ، يطرد من حصونك شتى الجليد ، ويبقى السحر رهينة في معصميك ، وعندما تركع كل الفصول ، أعلم أني انبعثت حيا من رحم اشتهاء ، وكنت أنت سيدة الغناء . ولأنك أنت فإني بنيت درجا نحو القمر ، مخضبا بسجاجيد كالياسمين ، تعرف كيف يكون الحنين ، وكيف يمكن للحب أن يستكين ، فكتبت موالي الحزين على ضفاف العمر ، كي تغني معي شتى الحقول ، وتدور الزوايا بانحناء خجول ، فأين أنت من هذا الجمر ، هلا نسيت قبلة على روابي قلب أحبك جدا ، فاحتسى خمر الحياة ، وناجى السهر كيلا يدع السمر . ولأنك أنت فإني امتلكت نواصي الدروب ، أنرت شموعي في جانبيك ، فإياك ألا تتركيها تذوب ، كي أبقى على قيد الحياة ، وتبقين عذراء خالية الذنوب ، تعالي إلي كرحلة الصيف والشتاء ، تسافرين كالأنبياء ، وأخبر كل البشر بأن الخريف حريق القلوب . ولأنك أنت فإني هجرت كل النساء ، مذ أن رأيتك اختزلت المعاجم في سطور ، نسجت من الشوك أشهى العطور ، واحتفلت لوحدي دون رثاء ، فهل تعلمين متى ينحني الرجال دون اهتداء !!! … لعلك أنت الآن أنا ، ولعل الحقول ملكي أنا ، كي تبقين أنت سيدة الكون المثير ، وحدك أنت آلهة المساء ، آلهة الضياء …
Views: 1
Discussion about this post