باعتبار أن هناك نصوص تستولي على مكان ثابت أحيانا في عقل أو قلب القارئ لما فيها من معاني عميقة وغزيرة
وأمام هذا الضباب الاجتماعي الكثيف الذي تعيشه المرأة في مجتمع متناقض ب نظرته لها سواء كفكر او كيان أو جسد و في ظل التشتت الذي تعيشه النساء حتى تٌزهَق الروح فعلا .
استوقفتني عبارة في الذاكرة لكتاب قرأته منذ سنوات ..
((انتبه لنفسك يا أوريليانو.. إنك تتعفن حيا)) عبارة مؤلمة وقاسية جاءت على لسان الكولونيل أركاديو في رواية مئة عام من العزلة حين قالها ل اوريليانو .
لكن السؤال الاقسى من العبارة , كم من امرأة في مجتمعنا العربي متعفنة حقا وهي على قيد الحياة
هناك أسيرات خلف قضبان تفاصيل اجتماعية معينة جعلت منها جثة هامدة تتنفس .. و تتعفن بالمعنى الذي ذكره ماركيز .
فكم من عبارات موجهة قد تُدمي القلب وتتشظى بها الروح يوميا كما لو أنها قنابل صُنعت خصيصا لمجابهة النساء
وإليكم بعضها :
((أنا أثق بكِ ولكن لا أثق بالمجتمع الخارجي )) عبارة مواربة للتملص من إيجاد مبرر مقنع لزجّها داخل أسوار المنزل .
((أنت شرفنا الذي يجب الحفاظ عليه خوفا من العار)) … عبارة غالبا يُرددها من لاشرف لهم .
((أنت ناقصة عقل ودين لاتفقهي شيئا )) .. عبارة يتشدق بها مُتحدث منافق باسم الدين .
((ليس لدينا نساء تُناقش وترفع صوتها)) .. عبارة تصدر من شخص مريض يُحب السيطرة على النساء وغالبا هو ضعيف , ولا قيمة له.
((إياكي أن تحاولي التمرد على أوامرنا فالذبح مصيرك)) .. القائل مشروع قاتل مُتَستَّر عليه باسم الوِصاية
((أنت مطلقة )).. تذكير دائم لمعاني خفية تُخبِر الأنثى أن حياتها توقفت هنا فلا تنسى نفسها وتفكر بالتنفس.
((أنت ارملة)) .. تذكير غير مباشر بأن زوجها رحل وعليها أن تتوقف عن الحياة لحين تلحق به .
((أنت متزوجة)) .. تأكيد حتمي بأنها تابع لزوج ولا صوت ولا قرار لها من غيره
أما ((أنت امرأة)) فهنا كلمة غالبا يتم تداولها في مواقف تتطلب خدمة منزلية للتذكير لها بواجبها
وبكونها بين قوسين ..إمرأة
الكثير من اللا إنسانية خلف عشرات التعابير والعادات المستهلكة حد القرف , تراكمت وتكدست حتى جعلت من ضحاياها جُثث متعفنة قهرا.
إلى متى سنبقى نتوارث أبشع الأشياء.. ونتمسك بها
هل لنا أن ننتبه لنسائنا بحُب حقا
هل لنا أن نرتقي ؟؟
Views: 5