شاركت المرأة الفلسطينية بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني ، وتكلل إنتاجها عام 1921 بتشكيل أول إتحاد نسائي فلسطيني شرعي أسسته أميليا السكاكيني وزليخة الشهابي حيث استطاعت المرأة من خلال الانطلاق والمساهمة في بناء المجتمع الفلسطيني من جهة والمشاركة في الدبلوماسية الفلسطينية ومناهضة الانتداب البريطاني والوقوف أمام الاستيطان الصهيوني في
تلك الحقبة الحرجة حتى لو كانت أدوارهن صغيرة التي اقتضت بجمع التبرعات
وتضميد الجروح والأعمال اليدوية وبيعها لضمان توزيع ريعها للمؤسسات الخيرية
والأيتام والفقراء ،وفي العام 1948 شكل عدد من النسوة في يافا فرقة نسائية سرية للتحريض وتزويد الثوار بالأسلحة والتموين باسم “زهرة الأقحوان” ، وفي نفس الفترة شكلت جمعية ” التضامن النسائي” للقيام بأعمال التمريض والإسعاف وتبعها لاحقا الكثير من الجمعيات الخيرية والثقافية وحتى محو الأمية وكانت المرأة تتسابق في المدن والقرى الفلسطينية لتشكيل جسم شرعي يمثلها ويجعل لها كيان في المجتمع العربي والفلسطيني على حد سواء . .
ولاشك أن الكثير من النسوة الفلسطينيات شاركن في صنع التاريخ الاجتماعي والثقافي في فلسطين وحتى في العالم العربي في أوائل القرن العشرين وصولا للنكبة الفلسطينية عام 1948 ومنهم أسماء كثيرة, فقد برزت الفتاة الفلسطينية تعمل في الإذاعة والصحافة وقطاع التربية والفن والموسيقى والأدب والعلوم والتصوير الفوتوغرافي تلك المهنة التي حتى التفكير بها للمرأة كان عائقا!…
حيث ظهرت أول امرأة فلسطينية في مهنة التصوير الفوتوغرافي وهي كريمة عبود ابنة الناصرة والتي احترفت مهنة الفوتوغرافي في فترة مبكرة لتدخل التاريخ كونها عنصرا نسائيا افتقد نوعا من الحرية تجاه الكثير من المهن التي تحتاج إلى شيء من الحريات وقد كانت كريمة النموذج الايجابي للفتاة الفلسطينية التي بدورها قاومت الفشل وعملت على خلق شخصية قوية للفتاة الفلسطينية تعتمد على نفسها وتعمل بقوتها في الميدان والمشاركة في صنع القرار في مجتمعها التي تحيا فيه في وقت كان يحظر للفتاة أن تتعلم أو ان تتساوى مع الرجل ومع هذا فقد خرجت المرأة الفلسطينية تنشط وتتبرع وتساهم في كافة المجالات في فلسطين واضعة لنفسها مبادئ وأسس تتماشى مع كينونتها كامرأة مثقفة يتوجب عليها ان تتسلح بالشهادات العلمية كمصدر للنجاح .
ولا شك بأن المرأة الفلسطينية قد تأثرت بنكبة العام 1948 وتفتيت البنية الاقتصادية والاجتماعية واقتلاع الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم ، وعاشت هول النكبة وعمق المأساة، الأمر الذي عزز لديها الشعور بالانتماء للوطن كأي رجل ، مما دفع لتطور مستوى مشاركتها في العمل السياسي والكفاحي .
ومن الأسماء النسائية الفلسطينية الرائدة في الحقل النسوي نستذكر الدكتورة تعتبر صبا الفاهوم وهي من رائدات النساء الفلسطينيات اللواتي عملن في الحقل الوطني الفلسطيني بمثابرة وهمة عالية وهي أستاذة جامعية وكاتبة بارعة تخصصت في الأنشطة النسوية وخصصت جل كتبها لهذا الموضوع وحلمت بتأسيس مبنى مستقل يحتضن المرأة الفلسطينية وتكلل حلمها بتأسيس الاتحاد النسائي في القدس الشريف بعد تأسيس المنظمة عام 1964 . وان اسمها وتاريخها لهو كبير وخاصة في التاريخ النسوي المعاصر في فلسطين فهي من مواليد الناصرة عام 1923 عاصرت الأحداث الفلسطينية خاصة المشهد الأخير الذي رسم من خلاله النكبة الفلسطينية عام 1948 شاركت صبا في المؤتمر الأول للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي عقد بالقدس عام 1965تأسس الاتحاد النسائي العام للمرأة الفلسطينية بعد تأسيس منظمة التحرير ليكون قاعدة من قواعد المنظمة وممثلا شرعيا ووحيدا للمرأة داخل الوطن وخارجة وإطارا شعبيا ديمقراطيا يجمع كلمة المرأة الفلسطينية ويوحد صفوفها وينظم طاقاتها للمشاركة في جميع النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية حيث حدد الاتحاد العام هدفا أساسيا للمرأة الفلسطينية وهو السعي إلى دمجها في حركة تحرير وطنها من المحتل وحق تقرير المصير وحق العودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ..
وبعد حرب حزيران عام 1967 حدث تطور نوعي آخر على دور المرأة الفلسطينية في انخراطها بالثورة ومشاركتها في الأنشطة المختلفة قياساً بدورها في العقود السابقة ، فساهمت في النضالات السياسية وانخرطت في منظمات المقاومة المختلفة، و شكلت بعد ذلك العديد من الاتحادات الخاصة بها بهدف توحيد طاقاتها وجهودها وتطوير عملها وأنشطتها بما يخدم أهدافها ومنها :
انخرطت المرأة في النضال داخل فلسطين وخارجها، وخاضت ببسالة معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية في مواقع وساحات جغرافية ونضالية مختلفة ، وانضوت تحت لواء منظمات المقاومة الفلسطينية.
وظهرت المرأة الفلسطينية في عدة صور فهي الأم التي حثت أبنائها وبناتها على التعليم والعمل والإنتاج، وأرضعتهم حليب الثورة وحثتهم على النضال والاستشهاد أيضاً، وهي المعلمة التي علمت أجيال والعاملة الكادحة التي أنتجت والمنظمة التي قادت خلايا تنظيمية ونقلت الرسائل وسهلت اختفاء المناضلين.
وهي المرأة المحرضة والداعية السياسية النشطة والقائدة الجماهيرية والمقاتلة ضد الاحتلال من أجل الحرية والاستقلال ، فشاركت المرأة (بالقلم والحجارة وزجاجات المولوتوف وفي العمل المسلح) ، فهي التي شاركت أيضا في عمليات نوعية عجز عنها العديد من الرجال كعمليات خطف الباصات والطائرات والعمليات الاستشهادية.
كما ولعبت المرأة الفلسطينية دوراً محورياً في حماية التقاليد والتراث الوطني وغرس احترام القيم الوطني.
وقدمت المرأة الفلسطينية الأم المثالية والمناضلة المميزة والقائدة الفذة، والشهيدة الخالدة والأسيرة الصامدة والمبعدة الحالمة بالعودة، والمحررة الصابرة التي أمضت شهور و سنوات طويلة وراء القضبان .
حيث تعرضت النساء الفلسطينيات كما الرجال الفلسطينيون إلى الاعتقال وزج بالآلاف منهن في غياهب السجون على مدار سنيين الاحتلال ، ليتعرضن لأبشع أنواع التنكيل و التعذيب أثناء الاعتقال ، فمنذ لحظة اعتقالها على يد الجنود الذكور تتعرض للاستفزازات مع عدم وجود مجندات، ويتعرضن للضرب والشبح والضغط النفسي والتفتيش العاري والتهديد بالاغتصاب بل بعضهن اغتصبن فعلاً، والعزل الانفرادي، والاعتداء من قبل السجينات الجنائيات الإسرائيليات اللواتي تعمد الإدارة إلى وضعهن في نفس أقسام الأسيرات الفلسطينيات، والمعاملة الاستفزازية القاسية وللإنسانية …
وازدادت معاناتهن أسوة ببقية الأسرى خلال انتفاضة الأقصى حيث استغلت إدارة السجون عددهن القليل وقامت بالاستفراد بهن وزجهن في زنازين انفرادية وحرمانهن من أبسط متطلبات الحياة الإنسانية.
Views: 1