بقلم: محمد هاشم الآلوسي
كنت ألعب بالطين على ضفة النهر، أعمل أشكالاً للحيوانات والسيارات والجرارات والدمى، استحضر من خلالها روح الحضارة في أقدم بقعة أثرية في العالم.
لم تكن ذكريات تل مريبط الضارب في القدم سبعة آلاف سنة قبل الميلاد للاستدعاء فقط، بل طبعت خصوصيتها في أعمالي لاحقاً.
هذا ما بدأ به الفنان التشكيلي ـ النحات، محمود غالب حديثه، والمولود في العام 1969 بالقرب من تل مريبط الأثري على ضفاف نهر الفرات شمالي الرقة، هذا الموقع الذي ترك بصماته واضحة على أعماله الفنية لاحقاً.
بدأ بصقل موهبته بدراسة الفن في مركز الفنون التشكيلية وتخرج منه في العام 1988 على يد كبار الفنانين في المحافظة آنذاك، مع مجموعة من الطلبة الذين شكلوا نواة ثانية لتجمع فناني الرقة الأول، شارك في العديد من المعارض الفنية داخل وخارج المحافظة وله عدد من الأعمال النحتية المقتناة، وشارك مع عدد من النحاتين في تنفيذ أعمال نُصبية وجمالية في الساحات العامة.
ورغم أنه مارس الرسم الزيتي، إلا أنه وجد ذاته في النحت الذي استطاع من خلاله تكوين شخصية مميزة وفريدة في العمل.
تغلب على أعمال النحات محمود غالب صفة الليونة والرشاقة في التكوين، فقد طوّع قسوة الكتلة لصالح الحالة التعبيرية التي يريد الوصول إليها، وهي ميزة قلما نجدها لدى النحاتين، وربما يعود سبب ذلك إلى تأثير البيئة الطينية لنهر الفرات والتي اعتمدت عليها أغلب الحضارات في صنع أعمالها الفنية والبنائية.
وتظهر الأنسنة جليّة في بعض أعماله، فقد صوّر الحالة التعبيرية للإنسان بأشكالها المختلفة. لم يعتمد كثيراً على الكتلة الصخرية الصمّاء في أعماله، فهو يرى أن الروح تكمن في الطين، وهو بذلك لا يستند على تقشير الكتلة، بل إلى تكوينها بيديه المغموستين بإرث النهر.
يقول في معرض حديثه عن سيرته الفنيّة، بعد الغمر الذي طال المنطقة بسبب تنفيذ سد الفرات العظيم، غُمرت قريتنا وأخذت مياه البحيرة التماثيل معها وعندما نزحنا إلى مدينة الرقة، وجدتهم في نهر الفرات.
هذا التجذّر في عمق التاريخ والحضارة، يجعل من النحات محمود غالب صاحب مشروع ثقافي أصيل، يمتد من النهر إلى النهر، ولا تغيب عنه شمس الحضارة مهما غيّبتها الغيوم.
يذكر بأن الفنان التشكيلي محمود غالب هو عضو في:
اتحاد التشكيليين السوريين.
اتحاد التشكيليين العرب.
مؤسس في جمعية ماري للثقافة والفنون ٢٠٠٦.
خريج مركز الفنون التشكيلية ١٩٨٨.
Views: 1