سناء سفكوني
” مدارات”. _ في أي كهف تعيش_
أورد أفلاطون
في كتاب الجمهورية قبل ٢٤٠٠عام قصة
مساجين ولدوا وكبروا داخل كهف كبير تحت الأرض..نشؤوا مقيدين بالسلاسل بحيث لم يروا منذ ولادتهم مدخل الكهف الموجود خلفهم..وبسبب تقييدهم بهذه الوضعية لم يشاهدوا ابدا الأشياء المجسدة والأحداث الحقيقية التي تجري خارج كهفهم..كانوا يرون فقط ظلالها التي تتسرب من فوهة الكهف وتنعكس على الصخور أمامهم..
وهكذا
نشؤوا داخل عالمهم الصغير معتقدين ان الظلال المنعكسة هي صورة العالم الحقيقي ..مجردخيالات لا تملك تفاصيل ولا ملامح مجسدة ولا ابعاد ثلاثية عميقة..
وذات يوم
تساءل احد السجناء، ماذا سيحدث لو نظرت خلفي!؟
التفت خلسة فشاهد لاول مرة فوهة الكهف الحقيقية..غمره الضوء لدرجة لم يستطع فتح عينيه، ولكنه كسر القيود وبدأ يمشي ناحية المدخل ليرى الموجود خارج الكهف
ذُهل حين رأى العالم الحقيقي
بكل تجسيداته وبهائه وألوانه الرائعة
تجرأ اكثر وابتعد ليلمس الأشجار ويتامل الزهور ويطارد الفراشات ويشاهد ملامح وجهه لاول مرة على صفحة الماء وادرك كم كان جاهلا وغافلا عن حقيقة العالم وجمال الحياة ..
أدرك ان كهفه رسم له عالما مخادعا رغم عيشه مرتاحا ..
وفجأة تذكر المخدوعين في الكهف وعاد ليخبرهم بالحقيقة،
ولكنهم لم يصدقوه لانهم كانوا على يقين بأن كهفهم هو العالم كله ،تضاحكوا ساخرين من الحقيقة التي يدعيها وحاولوا بنفس الإخلاص والشفقة إعادته إلى جادة الصواب وحين عجزوا اتهموه بالتمرد على الاعراف والتقاليد وهجموا عليه حين تجرأ على كسر قيودهم، ضربوه حتى مات وعادوا لتقييد انفسهم ومشاهدة العالم كما تعودوا رؤيته من داخل الكهف.
إذا….
_جميعنا قد نكون بزنزانة فكرية او ثقافية او وجدانية أو أيديولوجية نعيش ونموت معتقدين انها العالم كله
_الفرد يسهل عليه الهرب من زنزانته حين يكتشف انه سجين اما المجتمع هو السجن ذاته لا تفك قبضته قبل عقود طويلة من التداعي البطيئ.
_ كل الحب_
Views: 0