على خطا حدسي
قبل أن أسرد الحكاية وجب أن أعطرها بطيب الأماني لجميع الناجحين ثم لأهاليهم الممتحَنين بنتائج ما قدمه الأبناء وقد اختلفت وسائل التعبير لتبدو أغلبها ردّات فعل هوجاء تفتقر لحسن التدبير
أما بعد ….
كنت إثر واجب اجتماعي عند الحدود الشمالية لمدينة اللاذقية وقد فرض علي الواجب أن أتأخر حيث كنت . طالما اعتدت المسير راجلاً وممتنا لكل ما شهدته سابقا من عناء فالانتظار نقل لي كذبا كل الأخبار
أتراها طلاسم التنوير ؟!! … أم هي سياط التكبير ؟!!
بدأت قدماي تسابقان رشقات البنادق ولكن لا مناص رشقاتها تقترب وتتزايد وقوة اندفاعها لا توازيها سوى خفقات قلب يخشى رصاصة
طائشة .. أو غير طائشة … فأنا حتما وسط المعركة
ربما تفتحت عقول الفقهاء على الجبهتين لتفسير الدلالات الرمزية فيما نشرته من مقالات ، وقد حان الموعد لتنفيذ الحكم بحق ما خطته أفكاري على سطح الصفحات
وسواء كنت موالياً وطنياً بحكم الضمير أو انتهازياً خائناً بحكم إشارات الطقس وبحكم السدود فأنا على مرمى النارين .
من بين قدمي تولد الرياح وأرجو أن أصل لبيتي سالما قبل أن ينبلج الفجر من فوهات الظلمة المثقوبة بقناديل خطتها الكلمات لا برصاص الجهل في معترك الساحات
من قلب هذا الحدث الخطير وجدت رفيقا يترنح في المسير فأومأت إليه مستفسراً بعد أن خلعت هواجس الخوف وعلا لسانه برد سبق سؤالي ( الفرحة تنفرج وتنفجر من بيوت الناجحين بعد أن أعلنت نتائج الشهادات وعليك أن تمضي في الرقص والغناء مع تلك الأصوات وتشارك فرحتك هذه للإخوة والأخوات
كان هذا الجواب كاف لمضاعفة سرعة مولدات الرياح فالمصير صار معلقا بفوهة بندقية ثملة تتمايل في جميع الاتجاهات
والخوف أكثر جوازاً حين يمسك بزمام عمرك أصحاب ردّات الفعل والحماقات أولئك الذين يذبحون العجل فرحاً بمكسب دجاجة .
على مرمى مذبحهم صارت صلاتي ملاذي و قد علا صوت دعواتي
فأنا لا أريد أن أموت الآن وفي حوزتي رسائل لم تجد بعد طريقها في ظل ما عانيته من صد وظلم وحرمان . أنا لازلت محكوما بالأمل ولازلت أواصل قص الأشواك وزرع الورود مفتوناً بحبي للعمل
– الأمل ؟!! نعم هو الأمل .. تنبهت لأثر الهواجس الشيطانية التي رافقتني على الطريق واستبدلتها بمزيد من الثقة والإيمان .
الأعمار بيد الله … عداد عمري محسوب ..
وما قدر علي مكتوب … فإلى أين الهروب
تذكرت ما حدث مع زوجتي البارحة قرابة الغروب إذ كانت على مرمى ثوان من موت محتم ولكنه حاد عنها ليصطدم بأناس اعتقدوا أنهم بأمان
تقول زوجتي : لم أكد أتجاوز الباب العريض للمطعم وإذ بصوت اصطدام قوي ، التفت إلى الخلف فإذ بها سيارة مخمورة تجاوزت الرصيف واصطدمت بباب المطعم الزجاجي نحو زبائن كانوا منذ برهة يستمتعون بما يقدمه لهم صاحب المطعم الذي بدا ينظر لما حدث مذهولا غير مصدق وكأنه مجنون .
ما بين زوجتي والموت قرابة ثوان والحكمة في هذا لرب العباد
ولكن … أيجوز أن نرمي بأنفسنا في التهلكة
لازلت أتساءل عن الحقيقة غير مدع أني أمتلك الجواب
كنت ولازلت أواصل السير على خطا حدسي
وطالما كان ينبئني بحوادث في حياتي لازالت تتكرر أما أنا فكنت دوما أرتكب الخطأ ذاته ولبضع ثوان أتأخر أتراني كنت مسيَّر
بيني وبين وعد الله وجنته خطأ
لازلت أحاول الصواب عبر طرق جديدة تحميني من شرور ذاتي … ولكن علي الآن أن أخرج من هذا المكان تجاوزت من الطريق معظمه .
خيل لي أنَّ أزيز الرصاص توقف … يبدو أنني أنا من رحلت في الغياب .
لازال أزيز الرصاص يجن لازالت الزغاريد تعلو … أما بكاء الطفل المتقطع والمنسيّ في ساحات الهرج فقد تحول إلى أنين ثم اختفى وكأنه استسلم لجنون العالم ثم انزوى ليغفو
على بعد شارعين لم أضيع خارطة الطريق إنما تبعت حدسي وقطعت من تحت جسر المشاة فرصاص البنادق المخمورة يتمايل على إيقاع النشوة وأنا بعد كل ما تقدم
لن أصعد جسر الموت هذا ولن أقبل بأن أصير على مرمى الرؤوس الخاوية من أصحاب العنتريات الحمراء و بنات الأفكار الهزيلة الشاحبة الصفراء
Views: 1