“شغفٌ بورقة وعشقٌ لريشة” والدان أنجبا حلماً صغيراً على شكل مشروع بطلته (مرسيليا درويش) ذات العشرين عاماً. بلقاء لطيف معها حدثتّنا عن قصة اللوحة الأولى التي فتحت لها بوابة سحر الفن..
يُقال أن الرسم مهارة فطرية هل عززتِ موهبتكِ بدراسة هذا الفن أم التدريب المستمر هو الذي ساعد في تطويرها؟ أرى أن الموهبة هي كأساس البناء المتين والتدريبات هي تلك الطوابق التي تعلوه كلما زاد التدريب كلما طوّر الإنسان من موهبته، ومن وجهة نظري أن صقل المواهب لا يحتاج دوماً لدورات أو مدربين، كما حصل معي فقد استخدمت أسلوب المقارنة -إن صح التعبير- حيث كنتُ ولا زلتُ أبحث عن رساميّ المدرسة التي تنتمي لها ريشتي فأرسم لوحة وأقارنُ واكتشفُ ما الذي ينقصُ ما أرسم أي ما هي النقاط التي يجب التركيز عليها أو إهمالها تحويل صورة فوتوغرافية إلى لوحة حيّة مُتقنة..
مشروعك الذي تعملين عليه وأنتِ بعمر صغير، كيف ومتى ولدت فكرته؟ في الحقيقة إن مشروعي بدأ بحلم صغير حين تجرأت ورسمت وجهاً حقيقاً بتفاصيل وخطوط قاربت الواقع، حينها اكتشفت شغفي وكررت التجربة لمرات عديدة حتى وصلتُ لنتيجة مُرضية لاقت إعجاب من حولي وهو الأمر الذي أشعل فتيل عزيمتي للمزيد من الرسم.. في صف التاسع كانت أُولى التجارب الحقيقية حينما طلبتْ صديقتي تحويل صورتها الى لوحة لقاء مبلغ مادي بسيط، ثم توالت طلبات الصديقات جرّاء ردة فعلها الإيجابية،
حيث فتحتْ لي أبواباً جديدة على آفاق مختلفة. من يدعم مشروع مرسيليا؟ في المرتبة الأولى عائلتي لها الأثر الأكبر في تطوير مهارتي حيث أتى الدعم على شكل تشجيع وتحفيز ومساعدة بكل ما لديهم، بالطبع إلى جانب الصديقات وبعض المعارف الذين طلبوا مني لوحات لهم وقدّروا ذلك معنوياً ومادياً، أي أنني وجدت الدعم عندما شعرتُ أن هناك من يهتم بما أقوم به. هل كان للمدرسة دور تشجيعي في استمراركِ بالرسم؟ ولماذا ابتعدتِ عن كلية الفنون الجميلة؟ في الواقع سأقتطع بعض الكلمات من الإجابة السابقة وأقول مرةً أخرى عائلتي وأخصّ والدتي التي كانت تتواصل مع معلمي ومعلمات الرسم منذ المرحلة الابتدائية حتى الثانوية محاولةً لفت أنظارهم إلى رسوماتي واعتقد أن دورها في تلك المراحل كان مهماً للغاية فبالرغم من إمكانية المدارس وإمكانيتنا المتواضعة استطعتُ أن أُثبت نفسي وأشارك بفعاليات ومسابقات طلابية عديدة مما دفعني للاستمرار والمثابرة.. أما بالنسبة لكلية الفنون الجميلة لم أرغب بدخولها لعدة أسباب منها أنني لا أريد أن أحوّل شغفي وسعادتي إلى أكوام من الكتب والدفاتر والأوراق أو أن اختزل دنيا الالوان والرسوم إلى هموم امتحانية ومحاضرات ودراسة، باعتقادي هذا سيذهب بالمتعة والسحر الذي يمنحني الرسم إياه..
إضافة الى التكلفة المادية المرهقة لطلاب هذه الكلية، لذا اخترت دراسة اللغة الانكليزية وأنا الآن في منتصف طريقي للتخرج.. كما أشرتِ سابقاً، الرسم مهنة مُكلفة مادياً هل يغطي مشروعك تلك المواد باهظة الثمن فقط أم أن هناك مردوداً جيداً لكِ؟ إن التكاليف هي همّ الرسّام الأكبر وخصوصاً في الأوقات الصعبة الحالية، حتى قلم الرصاص والألوان والأوراق ذات الجودة المتوسطة باتوا يشكّلون ضغطاً على عاشقي الرسم، وبالطبع مردود الرسم بالكاد يغطي تكاليف اللوحة ليبقى الشيء القليل لي، لذا أعمل حالياً كمعلمة للغة الإنكليزية في إحدى المدارس الابتدائية ويبقى حلمي بتطوير مشروعي للاعتماد عليه قائماً. هل لديكِ أساليب خاصة لضغط تلك النفقات العالية؟ نعم هوايتي الثانية التي تدعم الأولى ألا وهي إعادة التدوير، تدوير الأشياء التالفة أو المستخدمة وتحويلها لأدوات مفيدة بالرسم مثلاً مواد “المكياج” منتهية الصلاحيّة، الكراتين الفارغة، أعواد تنظيف الأذن، وحتى أقلام الرصاص القديمة الرخيصة استفيد منها حين استخدم المبراة بطريقة خاصة فأحصل على سماكات مختلفة دون تكلفة وأيضاً تدرّبت على قص الممحاة بدرجات ميلان منوّعة لإضافة لمعة وإضاءة للوحات شبه مجانية!!
كثيراً ما نسمع من الفنانين قول “أهرب من مشاكل وضغوط الحياة إلى الرسم” فهل تجدين فيه أيضاً هروباً من أعباء الحياة؟ لا أعلم كيف أصف لحظة لقائي بالقلم والورقة ربما فسحة التنفس أو إجازة تفصلني عن الواقع المُتعب، اعتقد أن الله عندما يمنّ على الإنسان بموهبة ما، تكون بمثابة ملجأ يهرب إليه من كل شيء حتى من نفسه. يتخذ الآن موقعنا طريقاً جديداً في تمكين ودعم المشاريع الصغيرة من خلال نشر مقالات أو لقاءات حول إنجازات تلك المشاريع.. لطلب لوحات من مرسيليا درويش هذه صفحتها على الفيس بوك Marcellia aldarwish
ألمى حلواني
Views: 3