ظننتهُ سنداً وجيشاً يقاتل لأجلي
وما كان إلا مستضعفاً ومقيداً حارب ضدي
فقد ظنَّ نفسه رجلاً دون أن يعلم ( إنَّ بعض الظنِّ إثم ) و ربما انا من ظننته وخاب ظني …
صمتت قليلا وبدأت يدها ترتجف وهي تعيد القلم للطاولة ونظرت بهدوء من النافذه المطله على الرصيف للمقهى التي اعتادت الجلوس فيه وكتابه أجزاء من مجموعتها القصصية ولم تكن تعلم بأنها ستصبح جزء من القصص أو بطلة أحداها … السماء ماطره بشده هذا هو الطقس المحبب لقلبها ولكن اليوم كان المطر مالحا ربما السماء تبكي معها او عليها …هكذا فكرت وهي تنظر لسيل المياه في الشارع وتراكض الناس خشيه البلل أو ربما هربا من دموع السماء قاطع افكارها صوت النادل أن كانت ترغب بشرب شي أومأت برأسها إيجابا واضافت كالعاده فنجان قهوة ساده حجم كبير واحتاج لسيجاره استغرب النادل طلب زبونته التي لم تحمل سيجارة من قبل واجاب بأنه سيحضر لها علبه سجائر من المحل المجاور
ابتسمت شاكره له وعادت تنظر للنافذه وهنا بدات الصور تتشابك بين ايام ماطره تحمل صوته وهو يخبرها بسفره السري وعن شوقه لها وأن البرد قارص بجواره وهو من شده الشوق سيعانق الاعمده والطرق وسيعمل جهده ليراها وبين صورته تحت شمس حزيران القاتله يسير مع من كانت محل انتقاد بعينه وهو مسرور ومبتسم هي كانت بجواره حينها خلفه تماما تراقبه وترقد روحها رافضة الصورة معلنه الحرب على عقل ترجمه سياله عصبيه غبيه وهو
لم يراها وكأنها غيبت بعينيه أو كأن من معه احتلت عينيه وفكره …عينيه تلك كانت المصيبه و الحقيقه فهي الجمال وهي العذاب وهي بدايه الحكايه سار تحت الشمس ضاحكا …ضحكته ذاتها التي تنتظرها كل صباح لتعلن حياتها ليوم جديد …ضحك وابتعد غريب … وهنا قاطع وصول النادل بفنجان القهوة قسوة الأفكار وضجيج الروح وألم القلب … لاحظ شرود زبونته ودموعها الكثيفه وضع الفنجان بهدوء قدم مجموعه من المناديل وفتح علبه السجائر لتلتقط واحده واسرع بأشعالها مبتسما واضاف الجو بارد جدا ابتسمت له واضافت نعم هو كذلك … فكرت وهي تسحب من سيجارتها وترتشف قهوتها اللذيذه ….اي برد أو حر ستشعر به بعد الآن فالقلب بحاله غيبوبه وعملية إنعاش والروح تحتضر …أما الذاكره اللعينه فهي تضج بصور ولحظات كل مايحتاج إليه الإنسان أن ينساها …
ارتشفت من فنجانها نظرت بالورق … وبعد أن اخذت نفس من سيجارتها كتبت
“يا من ظننته رجلا …احببتك بلا امل …احببتك بكينونتك الخاصه احببتك حب جبران بحروف ادبيه وحب درويش لتصبح عندي قضيه احببتك كدمشق نزار ولوحات ناجي العلي وألحان سنفونيه …..أحببت عيناك التي لاتخون …بالله عليك كيف خانت ؟؟؟ ولماذا كنت عندي كما كانت لدرويش تلك اليهوديه ولماذا أصبحت كرسائل جبران المنسيه ولماذا نفيتني عن حياتك كما نفي نزار عن معشوقته الابديه …
وماذا عن مواقفك الابديه وهل ستبقى بعمري ذكرى وكيف للذكرى أن تموت وهي كليمون فلسطين ونزار قال محال أن ينتهي الليمون ؟؟؟!!
إذا ستبقى انت ربيع متفتح كأنك لم تقترف بحق الحب ذنب وانا كخريف العمر جئت الكون متأخره فكل ما احببت شي أما أن يكون مستهلك أو مستملك بقرارات مكتسبه الدرجه القطعيه ..والربيع والخريف ياسيدي لايلتقيان وعليه محال اذا النسيان ؟؟!
احببتك وظننتك رجلا وانا شرقيه يا بني والحب عنا حرام وبعض الظن ليس إثم فقط وانما إجرام …واكملت بنقاط وإشارات استفهام
وضعت نهايه الروايه اطفئت سيجارتها وحملت معطفها وغادرت المحل بهدوء تاركه أوراقها مبعثره كرسائل لمجهول سارت تحت المطر باكيه غاسله روحها من خيانه زمن ليس بزمانها ….حمل النادل الاوراق والنقود ونظر اليهاو بهدوء مزق الحروف …
ورمى بقايا الورق بالمدفئه لتحترق مثلما احترقت الروح …
فلم تكن للقصه نهايه ولم تكن إلا مجموعه ظننون او مجموعه كلمات …
Views: 8