يصادف 22 أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للتوعية بالتأتأة، لن نتحث اليوم عن الأسباب والمظاهر
وأساليب العلاج، ولكن سنتكلم عن العوامل التي تؤثر على مسيرة علاج التأتأة، والتي يمكن حصرها في
النقاط التالية:
1- المشاعر والانفعالات:
التأتأة ليست عائقاً كلامياً سهلاً، بل هي اضطراب معقد له مظاهر جسمية وانفعالية، لذلك فإنّها ستزداد كلما
حاول المتأتئ أن لا يتأتئ، فكلما توتر كردة فعل تجاه التأتأة وتجاه مشاعره نحوها، كلما ظهرت التأتأة أكثر،
فما يحدث أن الشخص المتأتئ يحاول أن يوقف التأتأة، وبالتالي يُجبر الكلام الطليق على الخروج، لكن ذلك
يؤدي لظهور التأتأة دون قصد.
تؤثر التأتأة على الشخص انفعالياً، ويشعر بأنها وصمة عار، ما يولّد شعوراً بالإحباط والإحراج، وهذا سيولّد
الكثير من المخاوف والقلق، والتي قد تؤثر على نظرته تجاه الآخرين والحياة بشكل عام، لكن إذا تعلم
الشخص أن يكون أقل حساسية ولا يصيبه الذعر عند حدوث التأتأة، أو توقع حدوثها، سيبدأ بتغيير الطريقة
التي يتحدث بها، والتطور سيحدث بسرعة، فالتغيير الإيجابي في المواقف والاتجاهات، حول نفسه وحول
التأتأة، سيقود إلى تغيير إيجابي في طريقة كلامه.
إنّ مخاوف التأتأة قد تكون تجاه كلمات أو أصوات أو أشخاص في مواقف محددة، مثل التحدث على الهاتف
أو نطق الاسم، أو إجراء مقابلة للعمل، عندما يكون لدى الشخص المتأتئ مخاوف قليلة، سيكون لديه توتر أقل
وربما لا يعاني من أي مشكلات، ولكن عندما تكون مخاوفه كبيرة ستؤدي إلى توتر آلية الكلام لديه، ما
سيسبب تأتأة أشد وأكثر تكراراً، فالتأتأة ستكون بحجم مخاوفه.
2- التوتر والاسترخاء:
بما أن الخوف يؤدي إلى توتر العضلات، لذلك فإن تخفيفه هو أحد أهداف العلاج، فالتوتر الذي تولّد
من الخوف يلعب دوراً كبيراً في ظهور التأتأة، ولكن كيف يمكن تخفيف التوتر؟ لا توجد حتى الآن
طريقة تؤثر بشكل كبير على تخفيف حدّة التوتر.
إحدى الطرق التي تم اقتراحها "التنويم المغناطيسي"، لكن ظهر أن تأثيره ليس كبيراً أو طويل
المدى. كما تم اقتراح تمارين الاسترخاء، للتخفيف أو الحد من التوتر الذي يعاني منه المتأتئ، العديد
من الأبحاث درست هذا الموضوع، والعديد من الأشخاص المتأتئين قضوا مئات الساعات،
مستخدمين هذه الطريقة على أمل أن تأثيرها سيظهر وقت الحاجة، ومع ذلك النتائج لم تكن مرضية.
المبدأ الأساسي في تمارين الاسترخاء أنه كلما كان الشخص أكثر هدوءاً واسترخاءً كلما كانت التأتأة
أقل. تستهدف هذه التمارين عضلات معينة، تلك التي يستخدمها المتأتئ للتحكم في شفاهه ولسانه،
وفمه، وتنفسه، وحباله الصوتية.
التمارين الرياضية أيضاً مفيدة في بناء ثقة بالنفس لدى الشخص المتأتئ.
3- التضليل (التشتيت):
وتعني أنه في حال نسي الشخص أنه متأتئ، لن تظهر التأتأة، فإذا كان هناك طريقة لإلهاء عقله عن
أفكار الخوف فإنه لن يفكر بالتأتأة، فأي شيء يمكن أن يشتت انتباهه عن المخاوف أو يبعد عقله عن
ترقب التأتأة، سيعطي راحة مؤقتة، هذا هو السبب الأساسي الذي من أجله يستخدم المعالجين تقنيات
تضليل، مثل التحدث مع تنغيم، أو التحدث أثناء النقر بالإصبع، أو استخدام مؤقّت عند التحدث، أو
تحريك الذراع عند الكلام، إنّ مجرد التفكير في هذه التقنيات سيحول انتباهه عن التفكير في التأتأة،
ويبعد أفكار المخاوف قليلاً.
4- دعم الآخرين:
إذا كان لدى الشخص المتأتئ عائلة أو أصدقاء مقربون، داعمون فإنهم سيقدمون له خدمات عديدة بعدة طرق،
فبصفتهم مراقبين فإنهم سيساعدونه على رؤية وسماع أشياء لم يكن ينتبه لها، أو يدعمونه معنوياً من خلال
تشجيعه على الاستمرار والمتابعة للوصول إلى هدفه، كما أنّ الاشتراك في مجموعات الدعم له تأثير إيجابي
أيضاً على تقدم العلاج.
5- الإرادة:
لا يوجد طريق سهل للطلاقة، وحتى يحقق العلاج هدفه يجب أن يكون لدى الشخص المتأتئ شجاعة
لمواجهة التأتأة والقيام بالتدريبات المطلوبة، وهذا يتطلب الكثير من الجهد، فإذا كان يشعر أن التأتأة
إعاقة، عليه البحث عن طرق لتطوير الكلام الطليق، وعليه اتخاذ قرار للقيام بتغييرات في طريقة
كلامه، هذا القرار سجعله المتحكم في أسلوب الكلام.
إنّ التأتأة اضطراب عنيد، لذلك فالعلاج هو التحدي، والقرار للشخص المتاتئ.
Views: 0