لمثل هذه القنوات تُرفع القبعة.. لمثل هذه الطاقات والأفكار يكون الدعم.. لمثلكِ “أمان العشي”.. شابة في مطلع العشرينات وجدتْ شغفها، أظهرته بكل ثقة، زينته بلغتها الخاصة وعفويتها اللافتة.. من أحياء دمشق القديمة عزمتْ الانطلاق إلى العالمية بفكرة وابتسامة وطبق شهي.. هي أول سوريّةٍ تمتلك قناة للطبخ بلغة الإشارة عبر “يوتيوب”..من أين أتت الفكرة، ومن ساندها وماهي أحلامها؟ للوقوف على تفاصيل المشروع الواعد كان لنا لقاء مع أمان :
للظهور من خلال “اليوتيوب” نوعين من التحدي “النفس والمجتمع” كيف تغلبتِ عليهما؟
تحدي النفس هو بسبب بعض أفراد المجتمع الساخرين، عندما كنت طفلة تعرّضتُ كثيراً لكلام مزعج وضحكات مستفزة كوني صمّاء ولا استطيع التحدث بكلمات مفهومة، طالما ترددتْ على مسامعي جمل قاسية ( ياحرام.. الله يعينك.. يارب يشفيكي) لكني لستُ مريضة وعقلي يعمل تماماً كأي إنسان طبيعي أنا فقط لا اسمع ولا أنطق بشكل واضح.. رغم ألمي من تلك التعليقات كنت أحاول تجاهلها واجعلها وقوداً لزيادة عزيمتي بالدراسة حتى أنهيت دراستي الثانوية، وبينما كنت في فترة تخبط داهمني شغفي بعالم المطبخ وولدت فكرة قناة خاصة على اليوتيوب، ترددت كثيراً وأحسست بارتباك شديد ورهبة من تنمر البعض او تلقي تعليقات سلبية من صديقاتي وربما خسارتهن إن ظهرتُ بشكل مخجل، كنت خائفة من عدم تقبّل مجتمعنا لتلك الفكرة، حتى تشجّعت وكسرت حاجز الخوف من المجتمع.. *
كيف دعمكِ ذويك وما الذي ساعدك على إتقان لغة الإشارة؟
تكون البدايات دائما صعبة وهكذا كانت بداية تعلّمي لغة الشفاه، في أحيان كثيرة كنت أفقد الأمل لكن أسرتي كانت الداعم الأول لي في حياتي وفي مشروعي وفي تعلم اللغة.. على وجه الخصوص والدتي التي أعطتني الكثير من الاهتمام واكسبتني ثقة بالنفس وشخصية قوية فقد كانت تحثّني على السؤال الدائم وعدم الإحراج في حال عدم فهمي ما يُقال، وأصرت دائماً على معاملة كأخوتي دون أن تشعرني بالشفقة أو بالاختلاف.. اليوم باستطاعتي فهم كل ما يُقال بحركة الشفاه وفهم لغة الإشارة والنطق ببعض الكلمات المفهومة، وأصبحت أعبّر عن ذاتي وأتواصل مع أقراني “من الصمّ” ومع السامعين أيضاً بفضل الله ثم تشجيع عائلتي الذي منحني الطاقة كي أبدأ من الصفر واستمر لتحقيق طموحي.
كيف طورتِ القناة حتى أصبحتْ مشروعاً صغيراً استطاع معجبيك من خلاله الحصول على أكلاتك المميزة؟
عالم المطبخ سحرني منذ سنوات حين كنت أرغب بمتابعة برامج الطبخ ربما أكثر من برامج الأطفال، وكنت أعد بعض الاكلات البسيطة بمساعدة والدتي إلى أن ظهرتُ على اليوتيوب وكان ذلك حجر الأساس في مشروع مطبخ أمان حين تلقيت تعليقات ايجابية وتفاعل لطيف بعد الفيديو الأول لي حول طريقة “الكيك سادة” الأمر الذي شجّعني ودفعني للتفكير بجرأة وحماس فاتخذت قرار تأسيس مطبخ صغير يعتمد على تقديم المأكولات بطريقة صحية ونظيفة، وبالفعل وجدتْ الفكرة صدى جميل وأصبح المشروع قائماً بعد فترة وجيزة حتى استطعتُ كسب ثقة الزبائن بالمواعيد الدقيقة والمذاق اللذيذ وبتّ قادرةعلى تلبية طلبات الولائم والحفلات..
هل أنت مختصة بالمطبخ الشرقي السوري أم أن لديك تجارب من مطابخ عالمية؟
أحب الطعام السوري التقليدي كثيراً لكني أحاول دائماً إضافة أفكار جديدة وخلق لمسات خاصة أو ابتكار طرق جديدة لاختصار وقت الطبخ وجعله أكثر متعة وسهولة.. وبالنسبة للأطباق العالمية لدي تجارب كثيرة سواء في اللحوم أو الحلويات مثل “الكوردون بلو – اسكالوب – اكلير – سابليه والكثير من المأكولات الشهيرة وحتى الأطباق العربية المعروفة كالأرز البخاري والكبسات بأنواعها.. أهوى تجريب كل الأنواع والسفر من خلال مطبخي الصغير لكل بقاع العالم..
بعد خروج مشروعكِ للنور بماذا تحلمين وماهي أمنياتكِ ونحن على أبواب عام جديد؟
أتمنى أن يتمتع الصم والبكم بمزيد من الاندماج بالمجتمع ولعل أكبر أحلامي المستقبلية هو أن أشرف على دورات بشهادات معترف بها لتعليم الطبخ بلغة الإشارة.. وأما عن أمنياتي الحالية هي أن أعود لنشاطي السابق في العمل الذي حدّ منه وجود “فايروس كورونا” وأن تأتي السنة الجديدة بخير وفير على الجميع..
على الصعيد المحلي “سوريا” ليس لدى “مطبخ أمان” منافسات فهي السبّاقة في مجال الطبخ بلغة الإشارة وإنما على صعيد الوطن العربي والعالم هناك نِزال قوي، آمل أن تنال مكاناً مهماً وتظْفَرَ بآلاف المعجبين والمتابعين.. وأما سؤالي الأخير موجه لكم، هل لديكم الرغبة في تذوق فطيرة أمان بالخلطة المميزة؟
Views: 0
Discussion about this post