تحية حب ووفاء من التشكيليين السوريين للفنانة ليلى نصير
الفنان والباحث حسين صقور ( الفينيق) مكتب المعارض والصالات المركزي
في الساعة السادسة من مساء يوم الأربعاء الواقع في 15-9-2021
في دمشق وضمن صالة الشعب التي بدأت تعج بالحضور والفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي كان الحدث الكبير معرض اشتغلنا عليه طويلاً ولنقل قدر المستطاع ولنقل بقدر التعاون المحتوم علينا والمفروض لنجاح واستمرار التشكيل في أرض الحضارات الغابرة وطن الفينيق والفينيقيين والأموريين والكنعانيين في الساحل
ثم ايبلا وأبجديتها المسمارية في الشمال وماري ورقمها الطينية على نهر الفرات في الداخل إلى حضارة أوغاريت في العصر الوسيط التي كانت زاهرة بفضل تجارتها الواسعة واسطولها واحتكاكها بالثقافات
حضارات متتالية تركت أثرها على هذه الأرض لنستمر نحن في البناء عبر التعاون والمحبة لا عبر الحروب والضغينة الحمقاء
وعلى درب المحبة كان الافتتاح الكبير لمعرض هو بمثابة تحية وفاء لفنانة أغنت التشكيل السوري والعالمي عبر مسيرة طويلة من العطاء
هو بمثابة وردة قدمها المشاركون باسم الاتحاد المركزي وفروعه وباسم جميع الفنانين لعل عطرها يفوح ويملئ الأرجاء ليصل بشكل أو بآخر لمأوى تلك الفنانة ولتشتم عبيره بدموع السعادة ميقنة بأن الوطن لا ينسى مبدعيه وبأن المحبين والمخلصين لا يمكن احصاؤهم ومدركة كغيرها ان الورود النابعة من القلب لا تقاس سوى بمقياس الحب
ورب وردة خير من قنطار ذهب … لنتعاون على طرح المشاكل واستعراض الحلول لا عبر العتب …
وأنا لا أريد أن أضيع عن سرد مجريات الحدث أحبتي
تقدم المعرض ستة أعمال للفنانة الكبيرة ليلى نصير أم جميع الفنانين والفنانات السوريات اشتغلت عبر تاريخها الطويل بكثير من التقنيات
لتستقر أخيرا على مادة الباستيل الزيتي وتسيطر عبر مواضيعها تلك الوجوه الفرعونية المتزاوجة مع وجه الفنانة نفسها والمشغولة بخطوط حادة تعكس قسوة الحياة الذكورية لأنثى واجهت الحياة وحيدة كما الرجال وتحملت مسؤولية ذاتها بذاتها كما يغلب على أعمالها تلك التكوينات الشاقولية الساعية لخلق نظام لها في الحياة وكي لا نطيل نقول أنها الفنانة السورية الوحيدة التي اشتغلت بمادة الباستيل وتمكنت من ترويضها والسيطرة عليها واعتقد أن المجربين الذين جاؤوا بعدها أعلنوا استسلامهم بعد أن أدركوا أنهم فشلوا في تحقيق فرادتهم وخصوصيتهم عبر مادة سهلة وممتنعة لا تطاوع سوى من يفهمها ويعشقها
ومرورا على مشاركة الفنانين المميزة بحق والتي شكلت معرضا فريدا من نوعه ومستواه أستطيع أن أقسم المعرض وفق المواضيع المطروحة ثم وفق الاسلوبية
البورترية والتشخيص …
بدأ من فناني الرعيل الاول ضيوف الشرف
*انور الرحبي –تمتاز أعمال الرحبي بشدة حساسيتها للوقت الذي تعكسه عبر درجات توحي بليلةٍ قمرية ،وهو ضيف شرف نور بمشاركته وقدم أنثاه المعهودة القادمة من الفرات والتاريخ عبر درجات متناغمة من الترابيات واضاءات تسلط الضوء على بعض الشفافيات وعلى النقطة الذهبية في الوسط ويبقى لأعماله ذلك النفس الخاص به
*عبد المنان شما – من فناني الرعيل الأول شارك عبر عمل واقعي ومشغول بحس أكاديمي ضمن بناء متين لأم جالسة وابنتها واشتقاقات لونية بدرجات شاحبة تعكس لون البيئة المحلية سواء عبر اللباس او البوابة العتيقة في الخلفية
*جورج عشي – وهو ضيف شرف من الرعيل الاول قدم وجوهه الشامية المعروفة ضمن بيئته المحيطة عبر شح لوني غني
*عبد المحسن خانجي – من طقوس المولد وعبر مسح وشح لوني يتكامل عبر درجاته المتقاربة والشفافة ليعكس خبرته الأكادمية في إظهار الطيات القماشية
*ابراهيم داؤود – بورترية فتاة حيث تطغى في أعماله الفكرة والأسلوب الشاعري على الموضوع وأوجه من خلاله كمسؤول في الاتحاد الفرعي الشكر لفناني حلب المميزين و السباقين للمشاركة في هذا المعرض
*سموقان – عمل صغير بأسلوبه الساعي لكشف الاضاءات عبر عمليات الحف بالسكين
*رنا عثمان – قدمت عملين أكدت من خلالهما قدرتها التصويرية على تقديم البورترية عبر تداخلات شفافة ومائية وأحد هذين العملين هو بورتريه للفنانة ليلى نصير وأشكالها المحيطة حولها
*مفيدة الديوب – تسيطر الفكرة وتسعى جاهدة لإيصالها عبر تحقيق جمالية ما من خلال توازنا ت تحققها عبر تقسيم عقلاني لمفردات الموضوع المطروح
*غادة حداد _ بورتريه بأسلوب كلاسيكي تقليدي
برهان عيسى . عمل أكاديمي واقعي لايخلو من تفاصيل زخرفية تضيء على بعض الطقوس ضمن أحياء دمشق القديمة وقريبا من غحدى بواباتها السبعة
*التجريد
* سالم عكاوي _يرى الطبيعة من منظور تجريدي تاركاً لفرشاته حرية التعبير ولخبرته الحسية القدرة على خلق التوازنات وعمله هذا يثير التساؤل حول ماهية الفن والغاية منه وعبر تعامله مع عجينة اللون وسطح العمل يبدو لي عمله هذه مكانا لاستراحة محارب امتلك الثقة فأضحى الفن لعبته وهو يخوضها بكل عقوية وتلقائية
**التعبيرية الواقعية
.*اسامة دياب- تتداخل واقعيته التعبيرية مع رؤى أكثر تجريداً عبر أسلوبية التغطية اللونية للأجساد والشخوص والخلفيات المتناغمة معها وهو يخدمها عبر تلك المعالجة المشغولة بحس هندسي منظم …
*عبد الحميد فياض-بحس تجريدي وتكوينات شاقولية لخص شخوصه المشغولة بأدوات حادة لتستظل وتضيء كما نوافذ تخترق سطح الأرض الموشحة بالبني ودرجاته
*الارض المحترقة –
*بديع جحجاح _أوحت له تلك الارض المحترقة بعمل تعبيري تجريدي وبحس حركي للفرشاة لازالت النيران تاكل ماحولها مخلفة السواد خلفها
وهويطعم لوحته بفكرة غراب يخطب بالغربان أمامه مشيراًإلى خلفيات الحدث وماحدث واعتقد ان فكرته هنا جاءت عفوية تلقائية تتكشف عبرمتلق قادرعلى التأمل وملامسة الحالة بالعقل والروح
*حنيف حمو-مداد ألوانه يتجهم ن الاعلى إلى الاسفل لتوحي باحتراق يطال المقدسات والبيوت
**الواقعيةالحالمة
*أمير حمدان – تستعيد فرشاته ذاكرة المكان والمفردات التراثية ..بوابات ومداخل قوسية ..منافذ ونوافذ وكثير من الجرار والفخار وهو يعيد تأليفها وترتيبها على خلفية المدينة وآثارها المتبقية ليعيدك إلى زمن المدينة الحالمة وإلى زمن السندباد في دمشق وبغداد عبر درجات شفافة ومتقاربة تغلب عليها البنفسجيات
تكنيك شفاف ومختلف
محي الحمصي : يلخص ويحور بحس طفولي وبفرشاة قادرة على الامتداد الشفاف وخطوط قادرةعلى اقتناص ذاك النبض اللحظي يؤكد من خلالها على القيمة التعبيرية والجمالية ليميل باتجاه تكوينات خاصة وساعية للاختلاف وهومطلب وضرورة تغني العمل وترقى به للأعلى ضمن درجات الهرم الابداعي …
تغتني سطوحه دون الحاجة لأيةإدخالات أخرى (الكولاج )
لتبدوتلك البقع الناصعة كما زخ المطرعلى جسد أشكاله ووجوهه وعلى سطح القمر
*كولاج
*عصام المأمون _يسعى للخروج عن المألوف عبرإدخالات الكولاج يقوده حسٌّ تعبيريٌّ وجمالي ليحرك عجينة الأساس على سطحٍ قابل لامتصاص ما في الطبيعة من لحاء الأشجار إلى التراب والأحجار… وهوعبرلوحته المشاركة يقدم تلك الكتلة القماشية المجعدة وسط اللوحة ليحرك مخيلتنا من خلالها ويوجهنا إلى تشكيلات تعبيرية وانسانية معتقة ومترابطة عبر التكوين
*لوحات تراثية
معتزالعمري
تتجلى قدرته على الاشتقاقات اللونية حين يصير للظلال الملونة ظلال حرة وحين تتوالد الأشكال بكثرةعبرتقنية تغطية الفراغ .. وإن بدا ذاك الأثر الزخرفي في لوحاته فتلك ميزة وليست اتهام كونه استطاع عبر تقنيته المتبعة تحرير الزخرفة من مفهومها العقلاني وإدخالها في عوالمه الحسية والأكثر حرية
*الحروفية :
* محمد غنوم _على خلفية متكاملة ومتناغمة ضمن الأرضية ومابين اتجاهيها السفلي والعلوي تستطيل حروفه الناصعة وتتكرر عبر الظلال ليقدم معزوفته موسيقى عرفت به وعرف بها وتشكلت من خلالها خصوصيته
*خلدون الاحمد- أيقونة جمالية لها خصوصيتها وفرادتها وهو من بين المشتغلين في مضمار الخط الزخرفي يتميز عبر تلك العلاقات اللونية
الناصعة وذاك الايقاع الموسيقي الحر والخاص لحركة الحرف والخط
ولكن تلك الحرية تبقى محكومة بنظام مترابط مابين الجزء والكل الذي يحقق توازنها في عين الرائي
*أحمدابراهيم_مازج مابين خبرته الخطية واللونية عبرتقديم تكوين شفاف كظل اسود يتساقط ويرمي ظلاله من السماء ثم يتماه إلى حروف شفافة ليبقى اسفل اللوحة الاكثر خفة وبياضا في الاسفل له مبرراته حين يحقق التوازن الشاذ عن القاعدة وحين يوحي بأشكال تعطي لتكويناته تلك الخصوصية التي تميزها
*طببعة صامتة تعبيرية
*سوسن حاج ابراهيم. نبرات صوتها وصمتها تعكس ضجيج داخلي ورغبة عارمة في إثبات الذات عبر مجموعة غنية من الملونات بكل بساطة سوسنا لحاج قدمت آنية غنية تعكس شفافية الروح والكثير من الجروح بأسلوب يتسم بالتلقائية وعبر درجات تتنقل وفق إيقاع متناغم مابين الكتامة والشفافية ومابين الأحمر والأرجواني وعلى خلفية متممة من الفيروزي والتركواز
*اعمال الطبيعة المباشرة
*سامر الصعيدي – ابدى تمكنه من تقديم لوحة انطباعية غنية بالوان متفائلة تحيي الارض بالخضار والأزهار المروية بماء الحياة وشقائق النعمان التي تذكرنا بما يخفيه هذا النعيم من خلفيات وتوحي اعماله بالمجمل بأنه يستخدم السكين والفرشاة كأداة
*يعرب احمد – يتجلى في اعماله ذاك الفضاء الرحب انما برؤية أقرب للتجريد ومعالجة اكثر دسامة حين استعاض عن الفرشاة بسكين خاصة للتعبير وللإيحاء بمشهد صخري من عوالم البيئة المحيطة به
*شكران بلال – قدم من خلال عمله المشارك ذاك الفضاء الرحب الذي يعكس تمكنه وقدرته على المعالجة المتأنية والواعية للمنظور اللوني
*غسان سعيد –عضو في المكتب التنقيذي- طبيعة كلاسيكية بريشة تلاحق الحقيقة الظاهرة للون المتلاشي للعدم والمتمازج بحس عارف ومدرك لتلك الجماليات التي تخلقها اللمسات المتواصلة للفرشاة المشبعة بالوان مائعة
* بتول ماوردي – طبيعة كلاسيكية واعية للمنظور اللوني حيث تميل التلال البعيدة لزرقة السماء ويطغى الخضار تدريجيا على التلال القريبة بينما يبقى لذلك الدرب الاصفر في الوسط اثره الذي يحرك العمل ويعطيه جماليته
* أحمد خليل –ضيف شرف راحل – بعيدا عن مشاركته نترحم على روحه الطاهرة …وقد أعرب عن رغبته في المشاركة بتكريم الفنانة ليلى نصير
كان لقائي الاخير بهفي مشفى تشرين لقاء عارف بمصيره وراض بقضاء الله وقدره ..الفناناحمد خليل كان له الفضل في إقامة الكثير من الملتقيات وتعريف الفنانين ببعضهم ..لذلك اقترح وأطلب علنا إقامة ذكرى سنوية له من خلال معرض دائم يقيمه فرع طرطوس ويشارك به من يود من الفنانين
*الطباعة الغرافيك
* لينا ديب – نائب رئيس الاتحاد – قدمت تكوينها وهو عبارة عن شجرة مبسطة في الوسط من حيث الشكل العام ( دائرة – وجذع مستطيل ) لونيا كان الاخضر عبر درجاته هو المسيطر اما النجوم فهي تل الزهور المغايرة لونيا ضمن جسد العمل عبر لمساتالطباعةالحرة
الميل الزخرفي :
عناية البخاري : قدمت لوحتها عبر مساحات هندسية مثلث عند القاعدة ونسيجمتقنومنظم على سطح العمل
عماد حمو : عمل شاعري تعكسه الخطوط الاقرب للحس الزخرفي
مكان لاستراحة محارب خبير يستطيع اللعب عليها متى يشاء وكيف يشاء لأنه امتلك الجرأة والقدرة في آن
في النحت اقتصرت المشاركة على ثلاث فنانين وثلاثة أعمال
احدهما للفنان والناقد غازي عانا .. كتلة صغيرة ومصقولة من حجر البازلت وهي عبر زواياها اقرب لمحاكاة جمالية بمنظور تجريد
وعمل آخر عبارة عن بورتريه يميل للتعبيرية ويتوضع على القاعدة بتوازن محكم لأمل الزيات وآخر ليسرى ديب كما جناح يحاكي الفراغ المحيط ويتوضع بشكل يحقق التوازن على القاعدة
لا أستطيع الدخول في تفاصيل أكثر عن تلك الأعمال عن لم أتابع التجربة الكاملة لأصحابها إذ من الضروري ترك بصمة خاصة تحقق الفرادة والتميز وتسعى باتجاه ما يحمل فلسفة خاصة بكل فنان
وإن سمحتم لي أخيراً وبكل تواضع أتحدث عن عملي وأنا العارف تماما بأن التشكيل لغة بصرية صامتة قد تشوهها الكلمات إن كانت وسيطاً ولكنها قد تسهم بشكل أو بآخر في توجيه المتلقي لكيفية رؤية الموجودات من حوله حين تحمل تلك الصياغة الخاصة والقادرة على أن تكون نصا إبداعيا مواز ومستقل في آن
*حسين صقور ( الفينيق )
* تكوينات تعبيرية مترابطة ( تنحى لتحطيم الشكل وإعادة بناءه )تجريد عبر اللون والشكل تفسيراً لهذا العنوان العريض أقول أن الأنثى برمزيتها واسقاطاتها المتوافقة مع عوالم الذات المتفاعلة المؤثرة والمتاثرة بالمحيط كانت ولاتزال ملعبي … وكي لا آخذ مساحة أطول أكتفي بهذا القدر من الشرح
داعيا المتلقي للتأمل وإغناء روحه بساعة من المتعة المجانية التي تنعكس تدريجياً على روحه وجسده وكينونته وعلاقاته الشخصية
أختم مقالتي هذه بالقول ..تم الافتتاح برعاية الاتحاد المركزي وبحضور رئيس الاتحاد عرفان أبو الشامات ومدير الفنون عماد كسحوت وأمين السر غسان غانم وكان لي شرف المرور على الأعمال كرئيس لمكتب المعارض المركزي لأكتب عبر ذاك المرور الآنف مقالتي هذه
Views: 0