تختلف معظم الأفلام عن بعضها من حيث السرد والقصة والهدف والنوع، حيث يكون منها السياسي أو التاريخي والخيال العلمي إلى الرومانسي أو كوميدي، فربما تتحدث عن قصة حب أو تاريخ أمّة أو عن حادثة شهيرة في الماضي أو ربما اندلاع حرب وما جرى في هذه الحرب من قصص جانبية، لكن هل يعقل أن يتنبأ هذا الفيلم بما سيؤول إليه العالم بأكمله بعد عرضه بثماني سنوات ؟
بقي فيلم (Contagion) “ويعني العدوى” من صنف الخيال العلمي منذ إنتاجه عام 2011 حتى عام 2019 حيث أصبح واقعاً نعيشه، وهذا العام “أي 2019” يشكل بداية انتشار المرض ويحمل اسمه (كوفيد 19)، حيث غزا هذا المرض الكوكب بأكمله، ليصبح الفيلم واقع نعيشه وليؤرخ أحداث الكرة الأرضية قبل حدوثها ببضعة سنوات. إنّ من تابع الفيلم وشاهد ما حدث منذ انتشار الوباء، يُذهل للتشابه الرهيب بين الواقع وأحداث هذا الفيلم. فيلم (Contagion) أو عدوى هو فيلم تشويق أميركي من إخراج ستيفن سودربرغ.
تدور أحداث الفيلم عن انتشار وباء بفعل فيروس ينتقل من خلال اللمس أو الهواء، ثم يحاول الباحثون والمختصون السيطرة على الوباء واحتواء التداعيات السلبية على النظام الاجتماعي وتقديم لقاح لإيقاف انتشار المرض.
يحكي الفيلم عن قصة عائلة الشاب (ميتش) التي تُصاب زوجته (بيث) بالبرد بعد عودتها إلى مدينتهم مينيابوليس من رحلتها إلى هونغ كونغ، حيث تكون موظفة لشركة AIMM، كما يُصاب ابنها (كلارك) بالمرض وهو في المدرسة فيُرسل إلى البيت، وبعد يومين تتدهور حالة (بيث) بشدة، فيهرع بها زوجها إلى المستشفى، لكنها تموت لسبب غير معروف. وعند عودته إلى البيت، يجد (ميتش) ابنه (كلارك) قد مات أيضاً، فيتم وضع (ميتش) في حجر صحي حتى يتبين أنه غير مصاب بأي مرض فيُطلق سراحه. ويبدأ كل من خالط (بيث) بنشر المرض في جميع أنحاء العالم.
وسرعان ما يجتمع ممثلو وزارة الأمن الداخلي في ولاية أتلانتا مع الدكتور (إليس شيفر) من مركز السيطرة على الأمراض ويتخوفوا من أن يكون هذا المرض هو هجوم بيولوجي يبدأ خلال عطلة نهاية الأسبوع. يحدد الدكتور (ألي هيكتال) أن الفيروس هو عبارة عن مزيج من المواد الوراثية من فيروسات الخنازير والخفافيش. فيُعرف لاحقاً السبب الرئيسي لانتشار الفيروس …
وهو عندما تقوم جرافة من شركة AIMM بإزالة جزء من الغابة وتزعج الخفافيش، التي تأخذ الطعام من شجرة موز. فيطير خفاش فوق خنزير، ويسقط الموزة، فيأكلها خنزير صغير. ويشتري طباخ من ملهى ماكاو هذا الخنزير الصغير. وبينما يحضّر الذبيحة في المطبخ، تتصل به إحدى العملاء وهي (بيث)، فلا يغسل يديه قبل أن يصافحها وينقل لها مزيج من فيروسات الخفافيش والخنازير، مما يجعلها المريض رقم صفر. بعد 26 يوم من انتشار الفيروس، يصل عدد الوفيات إلى 2.5 مليون في الولايات المتحدة و26 مليون في جميع أنحاء العالم. ويستغرق اكتشاف اللقاح وإنتاجه وتوصيله حتى اليوم 133 من بداية انتشار المرض وتستمر اللقاحات حتى اليوم 500. ولا يُعرف عدد القتلى النهائي، حيث تُغلق المدن والبلاد والمطارات، وتعيش كل البلاد بحالة من الهلع والخوف، ويفرض الحظر على المدن والبلدات ولا يمكن لأحد الخروج من المنزل لتجنب حمل الفيروس ونقله إلى باقي الأسرة.
إنّ من ينادي بشأن المؤامرة المدبرة من قبل مختبرات معينة من قبل منظمات خفية ودول أخرى، يستطيع القول أن هذا الوباء هو إنتاجٌ بشري. حيث حدد الفيلم أيضاً نوع الحيوانات التي سينتشر منها الفيروس، لكن ربما لتضليل المتابعين والخبراء والتركيز على أنّ الوباء قد جاء من الاستخدام السيء لهذه الحيوانات وتحويلها إلى غذاء بشري ولصرف النظر عن كيفية نشر الفيروس من خلال أمور خفية حدثت في أروقة المختبرات … كيف يمكن لقصة فيلم هوليودي أن يعرف مصير البشرية من خلال عرض أحداث والتنبؤ بالوباء وما ستؤول إليه البلاد من حظر تجول ومنع تجمّع وإيقاف الشركات والمعامل ومؤسسات الدولة؟ ثمّ إنه عرف ذلك وأخبرنا بالقصة بحذافيرها، ربما نضع عشرات إشارات الاستفهام على ذلك،
فقد كانت تبدو أحداث هذا الفيلم أشبه بالمستحيلة، فلا يمكنك تخيل أن تقف بلدان كاملةً عن العمل وعن الاستيراد والتصدير، أو حظر النقل والتنقل في أرجاء المعمورة بعد هذا التطور الكبير الذي وصل إليه كوكبنا. كما لا يمكنك تخيّل أن ساحة التايمز في النيويورك (قلب العالم) خالية من البشر تماماً، حالها حال العديد من المعالم السياحية في العالم. إنه لأمرٌ خارجٌ عن نطاق التفكير البشري، فيمكنك تخيل ذلك فقط عند حدوث حرب عالمية لا تبقي ولا تذر، ولكنها لم تحدث. فهل يمكننا أن نقول أن هذا التشابه الكبير بين الشاشة والواقع، هو بمحض الصدفة ؟
Views: 0