صرّح رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد طوكيو 2020 (والذي تأجل حتى عام 2021) السيد يوشيرو موري ما يلي: (إن الاجتماعات التي تضم النساء، تأخذ وقتاً طويلاً، حيث يكون لدى الجنس اللطيف شعور كبير بالمنافسة ويشعرن أنهن يجب أن يرفعن أيديهن ويسألن ويستفسرن، ولذلك ستجد الجميع يثرثر ولن ينتهِ الاجتماع إذا لم ننظم الأمور).
وكان هذا التصريح في رد على إحدى وسائل الإعلام التي سألته إذا كان يريد زيادة عدد أعضاء اللجنة من الإناث. وقد أثارَ هذا التصريح الكثير من الهجوم على رئيس اللجنة المنظمة ولم يحظَ إلا بقليل من التأييد.
ثم سرعان ما اعتذر وسحب تصريحه، لكنه رفض أن يستقيل من منصبه، وعندما سأله صحفي: هل ستستقيل؟
ردّ عليه (موري) بغضب: إنك تطرح هكذا سؤال لتجعل من الموضوع مضحكاً؟
واعتبرت اللجنة الأولمبية الدولية أن المشكلة قد انتهت بعدما اعتذر (موري) حيث قال رئيس اللجنة (توماس باخ): اعتذار موري خطوة صحيحة وبذلك تكون قد انتهت المشكلة.
لكن نساء اليابان لم تنتهج نهج اللجنة الدولية ولم يعتقدنَ أن تلك المشكلة قد انتهت بالاعتذار، فقد امتلأت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بالانتقادات اللاذعة، كما تم إعداد عرائض لتطالب وزير الدولة لشؤون الأولمبياد والمجلس التنفيذي بإقالة السيد (موري) وطالبوا أيضاً رعاة الأولمبياد بفسخ عقود رعايتهم إن لم يُقل رئيس اللجنة (موري). وعلّقت أكثر من 35 شركة من أصل 70 أن التصريحات تلك (غير مقبولة) وعبّرت 22 شركة أنهم تلقَّوا شكاوى من الزبائن والعملاء لقاء تلك التصريحات. إنّ تلك السطور التي تفوه بها (يوشيرو موري) لم تمر مرور الكرام على المعنيين والطبقات الاجتماعية المختلفة في اليابان، الرياضية منها وغير الرياضية، وزاد الوضع مأساة إذ بدأ الأولمبيون اليابانيون بمهاجمة (موري)
فقد صرحت نجمة التنس اليابانية (نعومي أوساكا) لشبكة NBC الأمريكية: إن تلك التصريحات تعبّر عن جهل.
وفي تقييم للوضع أجرته الحكومة اليابانية، تم الانتهاء أن (موري) لن يقاوم هذه الحملة الشرسة. وارتدت ممثلات البرلمان عن الحزب المعارض بدلات بيضاء بأزهار ببضاء أيضاً وساندهن رجال البرلمان أيضاً. كما رفضت عمدة مقاطعة طوكيو مقابلة السيد (موري) في اجتماع مسؤولي المدينة. وبعد ذلك رضخت اللجنة الأولمبية الدولية للضغوطات وأصدرت بيان يخالف بيانها السابق حيث يقول البيان: إن تلك التصريحات من رئيس اللجنة المنظنة مرفوضة رفضاً قاطعاً وهو أمر غير مقبول.
لم يكن بوسع السيد (موري) إلا الاستقالة من منصبه بعد البركان الذي ثار في وجهه مخلفاً رماداً غطى اليابان بأكملها، إن هذه الحادثة بالنسبة له أعتى من حادثة مفاعل فوكوشيما التي هددت اليابان بأكملها. وعبّر السيد (موري) عن رأيه بعد الاستقالة: لقد فُهمت تصريحاتي بشكلٍ خاطئ وتم ترويجها لوسائل الإعلام، فأنا لست ضد النساء ولا متحيزاً ضد المرأة.
والجدير بالذكر أن اليابان ليست من الدّول المميزة في حقوق المرأة، فتصل نسبة النساء إلى 15% من المناصب المتقدمة والمراكز المهمة كما تعاني النساء في اليابان من التهميش الوظيفي. وتعتبر شبكة NBC الأمريكية أن اليابان من النخب المحافظة التي يسيطر عليها الذكور. وأدلى السيد (ناكانو كويتشي) أستاذ العلوم السياسية في جامعة صوفيا في طوكيو تصريحاً للشبكة قائلاً: إن سبب رفض المجتمع لتصريحات السيد موري بقوة يعود إلى أن جيل الشباب أكثر تقدماً اجتماعياً وأكثر حساسية لقضايا المساواة بين الجنسين، وتتأخر اليابان عن ركب المجتمعات المتحضرة، وخصوصاً بغياب النساء عن المناصب القيادية.
Views: 0